ملخص كتاب الداء والدواء لابن القيم

قد تختلف العصور وتتوالى الحضارات، لكن طبيعة البشر تظل ثابتة، والصراع بين الخير والشر باقٍ لم ينقطع. وبينما يُبتلى الجسد بأمراض تُضعفه، فإن أمراض القلوب أشد فتكًا، إذ قد تُهلك الأمم وتفسد المجتمعات. في مواجهة هذه الأدواء، يبرز اسم الإمام ابن القيم الجوزية الذي ترك إرثًا عظيمًا من العلم النافع، ومن أبرز كتبه التي خلدها التاريخ: كتاب الداء والدواء، أو كما يُعرف باسمه الأصلي: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي.

هذا الكتاب ليس مجرد رد علمي على سؤال وُجه لابن القيم، بل هو خطة علاجية شاملة تهدف لتهذيب النفوس، والتحذير من آثار المعاصي، والدعوة للتوبة النصوح، والتأكيد على أن القرآن والدعاء هما أساس الشفاء الروحي والجسدي.

من هو ابن القيم؟

اسمه أبوعبدالله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي الدمشقي الحنبلي، واشتهر باسم ابن قيم الجوزية أو “ابن القيم”. هو أحد أئمة المذهب الحنبلي في القرن الثامن الهجري، وكان تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية.

كان فقيهًا ومحدثُا وعالمًا مسلمًا كبيرًا، كان دائم الموافقة للكتاب والسنة ولا يقتنع برأي إلا إذا وجد له دليلًا من الكتاب أو السنة النبوية الشريفة. ومن أهم أعماله:

  • الفوائد
  • الروح
  • مدارج السالكين بين مناول إياك نعبد وإياك نستعين
  • التبيان في أقسام القرآن
  • زاد المعاد في هدي خير العباد

 

كتاب الداء والدواء

اشتُهر الكتاب باسم ” الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي” ويهدف الكتاب إلى تهذيب النفوس وحثها على الكف عن المعاصي وابتغاء التوبة النصوح.

 

 

الغرض من تأليفه

كان ردًا أو إجابة على سؤال سأله أحدهم للعلامة ابن القيم فقال:

ما تقول السادة العلماء أئمة الدين -رضي الله عنهم أجمعين- في رجل ابتلي ببلية، وعلم أنها إن استمرت به أفسدت عليه دنياه وخرته، وقد اجتهد في دفعها عن نفسه بكل طريق، فما تزداد إلا توقدًا وشدة.

فما الحيلة في دفعها؟ وما الطريق إلى كشفها؟

فرحم الله من أعان مبتلى “والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”

أفتونا مأجورين.

فكان كتاب الداء والدواء إجابة ذاك السؤال!

 

 

 

ملخص كتاب الداء والدواء

أكبر داء: الجهل والمعصية

افتتح ابن القيم كتابه بتأكيد أن لكل داء دواء، وأن أعظم الداءات هو الجهل الذي يحجب القلب عن معرفة الحق. ثم ذكر أن المعاصي هي أمراض القلوب، لأنها تضعف صلة العبد بربه وتحرمه من بركات العلم والعمل.

قال: «السؤال شفاء داء الجهل»، فالسائل كان مصيبًا حين طلب العلاج.


العلاج: القرآن أولًا

يرى ابن القيم أن أعظم دواء هو القرآن الكريم، فهو شفاء للقلوب والأبدان، مستشهدًا بقوله تعالى:
﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾.

وروى من تجربته أنه شُفي من الحمى بقراءة سورة الفاتحة، ليؤكد أن أثر القرآن يتجاوز النفس ليشمل الجسد أيضًا.


الدعاء واليقين

من أبرز أبواب الكتاب حديثه عن الدعاء، فهو سلاح المؤمن ودواؤه. لكن للدعاء شروطًا:

  • إخلاص النية لله.

  • اليقين بالإجابة.

  • اجتناب المعاصي والحرام.

كما أوضح ابن القيم العلاقة بين الدعاء والقدر، مبينًا أن الدعاء من القدر نفسه، وأنه سبب لتحقيق الخير ودفع الشر.



الطاعات وأثرها في علاج القلوب

في المقابل، يبين ابن القيم أن الطاعة دواء ناجع يجلب البركة والسكينة، ومن ثمارها:

  • محبة الله لعبده.

  • انشراح الصدر ونور الوجه.

  • تيسير الأمور وزيادة الرزق.

  • لذة العبادة والطمأنينة.

  • القبول بين الناس.


العشق المذموم والابتلاء به

يبدو أن سؤال السائل كان متعلقًا بـ الوقوع في عشق النساء، وهو ما فصّل ابن القيم في بيانه. فالعشق المحرَّم، كما يوضح، داء عظيم يفسد القلب ويضعفه ويشغله عن ذكر الله.

ووصف العلاج بـ:

  • غض البصر وصيانة الجوارح.

  • الزواج الشرعي كحل مشروع.

  • الانشغال بالطاعات بدل التفكير في الشهوات.

  • الصبر والاحتساب على البلاء.

  • تذكر عواقب العشق في الدنيا والآخرة.

 

 

أثر المعاصي على الإنسان

تناول ابن القيم أنواع المعاصي ودوافعها وتترتب آثار وخيمة من المعاصي على المرء ومنها

  • حرمان العلم
  • حرمان الرزق
  • الوحشة في قلب العاصي بينه وبين ربه
  • الوحشة بينه وبين الناس
  • تعسير الأمور
  • ظلمة في القلب
  • حرمان الطاعة
  • قصر العمر

ثم تطرق إلى عقاب المعاصي وثواب الطاعة، وحدثنا عن الطاعات وأثرها على النفس وأفضل الطاعات كما حذرنا من اقترف المعاصي وما يغضب الله.

 

 

 

العلاج – كتاب الداء والدواء

يبدو أن ابتلاء السائل كان عن شيء يخص عشق النساء، فجاء جواب ابن القيم شافيًا وافيًا وتناول المشكلة من كل حيثياتها: الأسباب والنتائج وما يتأتى منه والبدائل الصحيحة وحسن التعامل مع الابتلاء وكيفية النجاة منه.

يمكنك تحميل الكتاب بصيغة PDF وكذلك يمكنك الاشتراك في دورة شرح كتاب الداء والدواء لابن القيم يقدمها المهندس علاء حامد من هنا

لتحميل كتاب الداء والدواء لابن القيم من هنا

أسئلة شائعة (FAQ)

ما الهدف من كتاب الداء والدواء؟
الكتاب يهدف لبيان أمراض القلوب، خطورتها، وآثارها، مع تقديم وصفة علاجية من القرآن والدعاء والطاعة.

هل يناسب الكتاب القارئ المبتدئ؟
نعم، فهو مكتوب بأسلوب وعظي مؤثر يفهمه العامي والمتعلم، لكنه يتطلب تأملًا وصبرًا.

هل الكتاب عن الأمراض الجسدية؟
الأصل أنه يتحدث عن أمراض القلوب، لكنه يذكر أن القرآن أيضًا شفاء للأبدان.

هل الكتاب ما زال صالحًا لعصرنا؟
نعم، لأنه يعالج أمراض النفس البشرية، وهي ثابتة عبر العصور.


خاتمة

يظل كتاب الداء والدواء لابن القيم من أعظم كتب التراث الإسلامي في علاج أمراض القلوب. ورغم مرور أكثر من سبعة قرون على تأليفه، فإن وصفاته لا تزال صالحة وفعالة، لأنها مستمدة من الوحي ومن التجربة الإنسانية الصادقة.

إنه ليس كتابًا يُقرأ مرة وينسى، بل هو رفيق دائم لكل مسلم يسعى لتطهير قلبه من الذنوب والشهوات، ولمن يريد وصفة روحانية نافعة تعيد إليه طمأنينة القلب وسعادة الروح.

 

 

كتبته: أميرة سامي

Comments are closed.